مجلس الهيثم بن عدي في حداثته والهيثم لا يعرفه فلم يستدنه ولا قرب مجلسه فقام مغضبا فسأل الهيثم عنه فخبر باسمه فقال إنا لله هذه والله بلية لم أجنها على نفسي قوموا بنا إليه لنعتذر فصاروا إليه ودق الباب عليه وتسمى له فقال ادخل فدخل فإذا هو قاعد يصفي نبيذا له وقد أصلح بيته بما يصلح به مثله فقال المعذرة إلى الله تعالى وإليك والله ما عرفتك وما الذنب إلا لك حيث لم تعرفنا نفسك فنقضي حقك ونبلغ الواجب من برك فأظهر له قبول العذر فقال الهيثم أستعهدك من قول يسبق منك في فقال ما قد مضى فلا حيلة فيه ولك الأمان فيما استأنف فقال وما الذي مضى جعلت فداك قال بيت مر وأنا فيما ترى يعني من الغضب قال فتنشدنيه فدافعه فألح عليه فأنشده (يا هيثم بن عدي لست للعرب * ولست من طيىء إلا على شغب) (إذا نسبت عديا في بني ثعل * فقدم الدال قبل العين في النسب) فقام من عنده ثم بلغه بعد ذلك بقية الأبيات وهي (للهيثم بن عدي في تلونه * في كل يوم له رجل على خشب) (فما يزال أخا حل ومرتحل * إلى الموالي وأحيانا إلى العرب) (له لسان يزجيه بجوهره * كأنه لم يزل يغدى على قتب) (كأنني بك فوق الجسر منتصبا * على جواد قريب منك في الحسب) (حتى نراك وقد درعته قمصا * من الصديد مكان الليف والكرب) (لله أنت فما قربى تهم بها * إلا اجتلبت لها الأنساب من كثب) فعاد الهيثم إلى أبي نواس وقال له يا سبحان الله أليس قد أمنتني وجعلت لي عهدا أن لا تهجوني فقال إنهم يقولون ما لا يفعلون
(١١٢)