ثم أحرقه واستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق فلم نجد منه شيئا إلا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره لا قليلا ولا كثيرا واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا إلا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ووجدنا مع لحده خطا أسود كأنما خط بالرماد بالطول في لحده ثم تتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم (312) وكان سبب فعل عبد الله ببني أمية هذا الفعل أن زيد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وقد سبق ذكره في ترجمة الوزير محمد بن بقية خرج على هشام بن عبد الملك وسمت نفسه إلى طلب الخلافة وتبعه خلق من الأشراف والقراء فحاربه يوسف بن عمر الثقفي أمير العراقين وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى فانهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد قتال وهو يقول متمثلا (ذل الحياة وعز الممات * وكلا أراه طعاما وبيلا) (فإن كان لا بد من واحد * فسيري إلى الموت سيرا جميلا) وحال المساء بين الفريقين فانصرف زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فأتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه أمره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجروا الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف منتصحا له فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام أن اصلبه عريانا
(١١٠)