قال الراوي فاشتد طرب الأمير تميم وأفرط جدا ثم قال لها تمني ما شئت فقالت أتمنى عافية الأمير وسلامته فقال والله لا بد أن تتمني فقالت على الوفاء أيها الأمير بما أتمنى قال نعم فقالت أتمنى أن أغني بهذه النوبة ببغداد قال فانتقع لون الأمير تميم وتغير وجهه وتكدر المجلس وقام وقمنا قال ابن الأشكري فلقيني بعذ خدمه وقال لي ارجع فالأمير يدعوك فوجدته جالسا ينتظرني فسلمت وقمت بين يديه فقال لي ويحك رأيت ما امتحنا به فقلت نعم أيها الأمير فقال لا بد من الوفاء لها ولا أثق في هذا بغيرك فتأهب لتحملها إلى بغداد فإذا غنت هناك فاصرفها فقلت سمعا وطاعة قال ثم قمت فتأهبت وأمرها بالتأهب وأصحبها جارية سوداء له تعادلها وتخدمها وأمر بناقة ومحمل فأدخلت فيه وجعلتها معي وصرت إلى مكة مع القافلة وقضينا حجنا ثم دخلنا في قافلة العراق وسرنا فلما وردنا القادسية أتتني السوداء وقالت لي تقول لك سيدتي أين نحن فقلت لها نزول بالقادسية فانصرفت إليها وأخبرتها فلم أنشب أن سمعت صوتها قد ارتفع بالغناء وغنت الأبيات المذكورة قال فتصايح الناس من أقطار القافلة أعيدي بالله أعيدي قال فما سمع لها كلمة قال ثم نزلنا الياسرية وبينها وبين بغداد نحو خمسة أميال في بساتين متصلة ينزل الناس بها فيبيتون ليلتهم ثم يبكرون لدخول بغداد فلما كان وقت الصباح وإذا بالسوداء قد أتتني مذعورة فقلت مالك قالت إن سيدتي ليست بحاضرة فقلت ويلك وأين هي قالت والله ما أدري قال فلم أحس لها أثرا بعد ذلك ودخلت بغداد وقضيت حوائجي منها وانصرفت إلى الأمير تميم فأخبرته خبرها فعظم ذلك عليه واغتم له غما شديدا ثم ما زال بعد ذلك ذاكرا لها واجما عليها والقادسية بفتح القاف وبعد الألف دال مهملة مكسورة وسين مهملة مكسورة أيضا وبعدها ياء مثناة من تحتها مشددة ثم هاء ساكنة وهي قرية فوق الكوفة
(٣٣٩)