وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٣٨
ولهذه الأبيات حكاية مستطرفة أحببت ذكرها هاهنا وقد سردها الحافظ أبو عبد الله الحميدي في كتاب جذوة المقتبس وغيره من أرباب تواريخ المغاربة وهي أن أبا علي الحسن بن الأشكري المصري قال كنت رجلا من جلاس الأمير تميم بن أبي تميم وممن يخف عليه جدا وهذا تميم هو أبو المعز بن باديس المذكور في حرف التاء قال فأرسلني إلى بغداد فابتعت له جارية رائقة فائقة الغناء فلما وصلت إليه دعا جلساءه قال وكنت فيهم ثم مدت الستارة وأمرها بالغناء فغنت (وبدا له من بعد ما اندمل الهوى * برق تألق موهنا لمعانه) (يبدو كحاشية الرداء ودونه * صعب الذرا متمنع أركانه) (فمضى لينظر كيف لاح فلم يطق * نظرا إليه وصده سجانه) (فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه * والماء ما سمحت به أجفانه) وهذه الأبيات ذكرها صاحب الأغاني للشريف أبي عبد الله محمد بن صالح الحسني قال ابن الأشكري فأحسنت الجارية ما شاءت فطرب الأمير تميم ومن حضر ثم غنت (سيسليك عما فات دولة مفضل * أوائله محمودة وأواخره) (ثنى الله عطفيه وألف شخصه * على البر مذ شدت عليه مآزره) قال فطرب الأمير تميم ومن حضر طربا شديدا قال ثم غنت (أستودع الله في بغداد لي قمرا * بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه) وهذا البيت لمحمد بن زريق الكاتب البغدادي من جملة قصيدة طويلة
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»