موافقته على ذلك وكان فيه لين ورخاوة فطمع فيه الجند وتشغبوا عليه وطالبوه بالأموال فاستنفد في مرضاتهم الخزائن ثم خرج محمود إلى هراة وجدد مكاتبة أخيه وهو لا يزداد إلا اعتياصا فدعا محمود عمه بغراجق إلى موافقته فأجابه وكان أخوه أبو المظفر نصر بن سبكتكين أميرا بناحية بست فنهض إليه وعرض عليه الانقياد لمتابعته فلم يتوقف عليه فلما قوي جأشه بعمه وأخيه قصد أخاه إسماعيل بغزنة وهما معه فنازلها في جيش عظيم وجم غفير وحاصرها واشتد القتال عليها ففتحها وانحاز إسماعيل إلى قلعتها متحصنا بها ثم تلطف في طلب الأمان من أخيه محمود فأجابه إلى سؤاله ونزل في حكم أمانه وتسلم منه مفاتيح الخزائن ورتب في غزنة النواب والأكفاء وانحدر إلى بلخ وكان السلطان محمود قد اجتمع بأخيه إسماعيل في مجلس الأنس بعد ظفره به فسأله عما كان في نفسه أنه يعتمده في حقه لو ظفر به فحملته سلامة صدره ونشوة السكر على أن قال كان في عزمي أن أسيرك إلى بعض القلاع موسعا عليك فيما تقترحه من دار وغلمان وجوار ورزق على قدر الكفاية فعامله بجنس ما كان قد نواه له وسيره إلى بعض الحصون وأوصى عليه الوالي أن يمكنه من جميع ما يشتهي ولما انتظم الأمر للسلطان محمود كان في بعض بلاد خراسان نواب لصاحب ما وراء النهر من ملوك بني سامان فجرى بين السلطان محمود وبينهم حروب انتصر فيها عليهم وملك بلاد خراسان وانقطعت الدولة السامانية منها وذلك في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة واستتب له الملك وسير له الإمام القادر بالله خلعة السلطنة ولقبه بالألقاب المذكورة في أول ترجمته وتبوأ سرير المملكة وقام بين يديه أمراء خراسان سماطين مقيمين برسم الخدمة وملتزمين
(١٧٧)