وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ١٧٩
عليه وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون عند بابه ويجرى من مال الأوقاف المرصدة له لكل طائفة من هؤلاء رزق معلوم وكان بين المسلمين وبين القلعة التي فيها الصنم مسيرة شهر في مفازة موصوفة بقلة المياه وصعوبة المسالك واستيلاء الرمل على طرقها فسار إليها السلطان محمود في ثلاثين ألف فارس جريدة مختارة من بين عدد كثير وأنفق عليهم من الأموال ما لا يحصى فلما وصلوا إلى القلعة وجدوها حصنا منيعا وفتحوها في ثلاثة أيام ودخلوا بيت الصنم وحوله من الأصنام الذهب المرصع بأصناف الجوهر عدة كثيرة محيطة بعرشه يزعمون أنها الملائكة وأحرق المسلمون الصنم المذكور فوجدوا في أذنه نيفا وثلاثين حلقة فسألهم محمود عن معنى ذلك فقالوا كل حلقة عبادة ألف سنة وكانوا يقولون بقدم العالم ويزعمون أن هذا الصنم يعبد منذ أكثر من ثلاثين ألف سنة وكلما عبدوه ألف سنة علقوا في أذنه حلقة وبالجملة فإن شرح ذلك يطول وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أن بعض الملوك بقلاع الهند أهدى له هدايا كثيرة من جملتها طائر على هيئة القمري من خاصيته أنه إذا حضر الطعام وفيه سم دمعت عينا هذا الطائر وجرى منها ماء وتحجر فإذا حك ووضع على الجراحات الواسعة لحمها ذكر ذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة وقد جمع سيرته أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي الفاضل المعروف في كتاب سماه اليميني وهو مشهور وذكر في أوله أن السلطان المذكور ملك الشرق بجنبيه والصدر من العالم ويديه لانتظام الإقليم الرابع بما يليه من الثالث والخامس في حوزة ملكه وحصول ممالكها الفسيحة وولايتها العريضة في قبضة ملكه ومصير أمرائها وذوي الألقاب الملوكية من عظمائها تحت حمايته وجبايته واستدرائهم من آفات الزمان بظل ولايته ورعايته وإذعان ملوك الأرض لعزته وارتياعهم بفائض هيبته واحتراسهم على تقاذف الديار
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»