جملة ما استفاده من صفاياها أبو الفتح علي بن محمد البستي الشاعر المقدم ذكره فإنه كان كاتبا لملك الناحية المذكورة واسمه بابي نور فلما تعلق بخدمته اعتمد عليه في أموره وأسر إليه بأحواله وشرح ذلك يطول وآخر الأمر أن الأمير سبكتكين كان قد وصل إلى مدينة بلخ من طوس فمرض بها واشتاق إلى غزنة فخرج إليها في تلك الحال فمات في الطريق قبل وصوله وذلك في شعبان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ونقل تابوته إلى غزنة ورثاه جماعة من شعراء عصره منهم كاتبه أبو الفتح البستي المذكور بقوله (قلت إذ مات ناصر الدين والدولة * حياه ربه بالكرامه) (وتداعت جموعه بافتراق * هكذا هكذا تكون القيامة) واجتاز بعض الأفاضل بداره بعد موته وقد تشعثت فأنشد (عليك سلام الله من منزل قفر * فقد هجت لي شوقا قديما وما تدري) (عهدتك مذ شهر جديدا ولم أخل * صروف الردى تبلى مغانيك في شهر) وكان الأمير المذكور قد جعل ولي عهده من بعده ولده إسماعيل واستخلفه على الأعمال وأوصى إليه بأمور أولاده وعياله وجمع وجوه حجابه وقواده على طاعته ومتابعته وجلس على سرير السلطنة وتحكم واعتبر بيوت الأموال وكان أخوه السلطان محمود بخراسان مقيما بمدينة بلخ وإسماعيل بغزنة فلما بلغه نعي أبيه كتب إلى أخيه إسماعيل ولاطفه في القول وقال له إن أبي لم يستخلفك دوني إلا لكونك كنت عنده وأنا كنت بعيدا عنه ولو أوقف الأمر على حضوري لفاتت مقاصده ومن المصلحة أن نتقاسم الأموال بالميراث وتكون أنت مكانك بغزنة وأنا بخراسان وندبر الأمور ونتفق على المصالح كيلا يطمع فينا عدو ومتى ما ظهر للناس اختلافنا قلت حرمتنا فأبى إسماعيل من
(١٧٦)