الدولة أبي منصور ابن جهير المذكور قبله في ترجمة أبيه فخر الدولة وذلك في سنة ست وسبعين وأربعمائة وعزل عنها يوم الخميس تاسع عشر صفر سنة أربع وثمانين وأربعمائة وأعيد عميد الدولة ابن جهير ولما قرأ أبو شجاع التوقيع بعزله أنشد (تولاها وليس له عدو * وفارقها وليس له صديق) وخرج بعد عزله ماشيا يوم الجمعة من داره إلى الجامع وانثالت عليه العامة تصافحه وتدعو له وكان ذلك سببا لإلزامه بالقعود في داره ثم خرج إلى روذراور وهي موطنه قديما فأقام هناك مدة ثم خرج إلى الحج في الموسم سنة سبع وثمانين وأربعمائة وخرجت العرب على الركب الذي هو فيه بقرب الربذة فلم يسلم من الرفقة سواه وجاور بعد الحج بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي في النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بالبقيع عند القبة التي فيها قبر إبراهيم عليه السلام ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت ولادته سنة سبع وثلاثين وأربعمائة رحمه الله تعالى قال العماد الكاتب في الخريدة في حقه وكان عصره أحسن العصور وزمانه أنضر الأزمان ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين وقانون الشريعة مثله صعبا شديدا في أمور الشرع سهلا في أمور الدنيا لا تأخذه في الله لومة لائم ثم قال ذكره ابن الهمداني في الذيل فقال كانت أيامه أوفى الأيام سعادة للدولتين وأعظمها بركة على الرعية وأعمها أمنا وأشملها رخصا وأكملها صحة لم يغادها بؤس ولم تشبها مخافة وقامت للخلافة في نظره من الحشمة
(١٣٥)