وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ١٧
وقال أبو عمرو قال جرير لو خرس ذو الرمة بعد قوله قصيدته التي أولها (ما بال عينك منها الماء ينسكب *) كان أشعر الناس وقال أبو عمرو سمعت ذا الرمة يقول إذا نزل بنا نازل قلنا له الحليب أحب إليك أم المخيض فإن قال المخيض قلنا عبد من أنت وإن قال الحليب قلنا ابن من أنت وقال أبو عمرو شعر ذي الرمة نقط عروس يضمحل عن قليل وأبعار ظباء لها شم في أول رائحة ثم يعود إلى البعر وبالجملة فقد كان من مشاهير الشعراء في عصره وذوي التقدم في النظم في دهره رحمه الله تعالى وذكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب إعتلال القلوب عن محمد ابن سلمة الضبي قال حججت فلما صدرت من الحج تيممت منهلا من المناهل وإذا بيت بناحية من الطريق فأنخت بفنائه فقلت أنزل فقالت ربة البيت نعم فقلت وأدخل قالت أجل فدخلت فإذا جارية أحسن من الشمس فجلست أحدثها وكأن الدر ينثر من فيها فبينا أنا كذلك إذ خرجت عجوز مؤتزرة بعباءة مشتملة بأخرى فقالت يا عبد الله ما جلوسك هاهنا عند هذا الغزال النجدي الذي لا تأمن حباله ولا ترجو نواله فقالت لها الجارية أي جدة دعيه يتعلل كما قال ذو الرمة:
(فإن لا يكن إلاتعلل ساعة * قليلا فإني نافع لي قليلها) قال فأقمت يومي وانصرفت وفي قلبي كجمر الغضا من حبها
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 19 21 22 23 24 ... » »»