524 فاتك المجنون أبو شجاع فاتك الكبير المعروف بالمجنون كان روميا أخذ صغيرا هو وأخ له وأخت لهما من بلد الروم من موضع قرب حصن يعرف بذي الكلاع فتعلم الخط بفلسطين وهو ممن أخذه الإخشيد من سيده بالرملة كرها بلا ثمن فأعتقه صاحبه وكان معهم حرا في عدة المماليك وكان كريم النفس بعيد الهمة شجاعا كثير الإقدام ولذلك قيل له المجنون وكان رفيق الأستاذ كافور في خدمة الإخشيد فلما مات مخدومهما وتقرر كافور في تربية ابن الإخشيد كما سيأتي في ترجمة كافور إن شاء الله تعالى أنف فاتك من الإقامة بمصر كيلا يكون كافور أعلى رتبة منه ويحتاج أن يركب في خدمته وكانت الفيوم وأعمالها إقطاعا له فأنتقل إليها واتخذها سكنا له وهي بلاد وبيئة كثيرة الوخم فلم يصح له بها جسم وكان كافور يخافه ويكرمه فزعا منه وفي نفسه منه ما فيها فاستحكمت العلة في جسم فاتك وأحوجته إلى دخول مصر للمعالجة فدخلها وبها أبو الطيب المتنبي ضيفا للأستاذ كافور وكان يسمع بكرم فاتك وكثرة سخائه غير أنه لا يقدر على قصد خدمته خوفا من كافور وفاتك يسأل عنه ويراسله بالسلام ثم التقيا في الصحراء مصادفة من غير ميعاد وجرى بينهما مفاوضات فلما رجع فاتك إلى داره حمل لأبي الطيب في ساعته هدية قيمتها ألف دينار ثم اتبعها بهدايا بعدها فاستأذن المتنبي الأستاذ كافورا في مدحه فأذن له فمدحه في التاسع من جمادى الآخرة سنة
(٢١)