وأما سيرته فلقد كان له في فعل الخيرات غرائب لم يسمع أن أحدا فعل في ذلك ما فعله لم يكن في الدنيا شيء أحب إليه من الصدقة كان له كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرقها على المحاويج في عدة مواضع من البلد يجتمع في كل موضع خلق كثير يفرق عليهم في أول النهار وكان إذا نزل من الركوب يكون قد اجتمع عند الدار خلق كثير فيدخلهم إليه ويدفع لكل واحد كسوة على قدر الفصل من الشتاء والصيف أو غير ذلك ومع الكسوة شيء من الذهب من الدينار والاثنين والثلاثة وأقل وأكثر وكان قد بنى أربع خانقاهات للزمني والعميان وملأها من هذين الصنفين وقرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم وكان يأتيهم بنفسه في كل عصرية اثنين وخميس ويدخل عليهم ويدخل إلى كل واحد في بيته ويسأله عن حاله ويتفقده بشيء من النفقة وينتقل إلى الآخر وهكذا حتى يدور على جميعهم وهو يباسطهم ويمزح معهم ويجبر قلوبهم وبنى دارا للنساء الأرامل ودارا للصغار الأيتام ودارا للملاقيط رتب بهم جماعة من المراضع وكل مولود يلتقط يحمل إليهن فيرضعنه وأجرى على أهل كل دار ما يحتاجون إليه في كل يوم وكان يدخل إليها في كل وقت ويتفقد أحوالهم ويعطيهم النفقات زيادة على المقرر لهم وكان يدخل إلى البيمارستان ويقف على مريض مريض ويسأله عن مبيته وكيفية حاله وما يشتهيه وكان له دار مضيف يدخل إليها كل قادم على البلد من فقيه أو فقير أو غيرهما وعلى الجملة فما كان يمنع منها كل من قصد الدخول إليها ولهم الراتب الدار في الغداء والعشاء وإذا عزم الإنسان على السفر أعطوه نفقة على ما يليق بمثله وبنى مدرسة رتب فيها فقهاء الفريقين من الشافعية والحنفية وكان كل وقت يأتيها بنفسه ويعمل السماط بها ويبيت بها ويعمل السماع فإذا طاب وخلع شيئا من ثيابه سير للجماعة بكرة شيئا من الأنعام ولم يكن له
(١١٦)