(وأستعير إذا عاقبته حنقا * وأين ذل الهوى من عزة الحنق) وكان موصوفا بقوة الفطنة وتنقل عنه حكاية عجيبة وهي أنه كان يتردد إلى حلب قبل تملكه شيزر وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس فجرى أمر خاف سديد الملك المذكور على نفسه منه فخرج من حلب إلى طرابلس الشام وصاحبها يومئذ جلال الملك بن عمار فأقام عنده فتقدم محمود بن صالح إلى كاتبه أبي نصر محمد بن الحسين بن علي بن النحاس الحلبي أن يكتب إلى سديد الملك كتابا يتشوقه ويستعطفه ويستدعيه إليه ففهم الكاتب أنه يقصد له شرا وكان صديقا لسديد الملك فكتب الكتاب كما أمر إلى أن بلغ إلى إن شاء الله تعالى فشدد النون وفتحها فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عرضه على ابن عمار صاحب طرابلس ومن بمجلسه من خواصه فاستحسنوا عبارة الكتاب واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه فقال سديد الملك إني أرى في الكتاب ما لا ترون ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال وكتب في جملة الكتاب أنا الخادم المقر بالانعام وكسر الهمزة من أنا وشدد النون فلما وصل الكتاب إلى محمود ووقف عليه الكاتب سر بما فيه وقال لأصدقائه قد علمت أن الذي كتبته لا يخفى على سديد الملك وقد أجاب بما طيب نفسي وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى * (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) * فأجاب سديد الملك بقوله تعالى * (إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها) * فكانت هذه معدودة من تيقظه وفهمه هكذا ساق هذه الحكاية أسامة في مجموعه إلى الرشيد بن الزبير في ترجمة ابن النحاس) وكانت وفاته في سنة خمس وسبعين وأربعمائة رحمه الله تعالى وقد تقدم ذكر حفيده أسامة بن مرشد بن علي المذكور في حرف الهمزة وسيأتي ذكر والده في حرف الميم إن شاء الله تعالى وذكرهم العماد الأصبهاني في الخريدة وبالغ في الثناء عليهم وذكر أيضا
(٤١٠)