وحكى أبو غفر الدؤلي وكان شاعرا قال كنت عند عبد الملك بن مروان إذ دخل عليه أبو الأسود الديلي وكان أحول دميما قبيح المنظر فقال له عبد الملك يا أبا الأسود لو علقت عليك عودة من العين فقال يقال إن لك جوابا يا أمير المؤمنين وأنشد * افنى الشباب الذي أفنيت جدته * كر الجديدين من آت ومنطلق) (لم يتركا لي في طول اختلافهما * شيئا أخاف عليه لذعة الحدق) أما والله لئن كانت أبلتني السنون وأسرعت إلى المنون لما أثبت ذاك إلا في موضعه ولرب يوم كنت فيه إلى الآنسات البيض اشهى منك إليهن وإني اليوم لكما قال امرؤ القيس (أراهن لا يحببن من قل ماله * ولا من رأين الشيب فيه وقوسا) ولقد كنت كما قال أيضا (ورعن إلى صوتي إذا ما سمعنه * كما يرعوي عيط إلى صوت اعيسا) فقال عبد الملك قاتلك الله من شيخ ما أعظم همتك وكان لأبي الأسود من معاوية ناحية حسنة فوعده وعدا أبطأ عليه فقال (لا يكن برقك برقا خلبا * إن خير البرق ما الغيث معه) (لا تهني بعد إذ أكرمتني * فقبيح عادة منتزعه) وقيل إنه كان يعلم أولاد زياد بن أبيه وهو والي العراقين يومئذ فجاءه يوما وقال له أصلح الله الأمير إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيرت ألسنتهم أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون أو يقيمون به كلامهم قال لا قال فجاء رجل إلى زياد وقال أصلح الله الأمير توفي أبانا وترك
(٥٣٦)