وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
ضعف جدا وأشرفت قوته على السقوط فأهمل المداواة وقال المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات في التاريخ الذي يأتي في آخر ترجمته إن شاء الله تعالى وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه وصنف كتاب الشفاء في الحكمة والنجاة والإشارات والقانون وغير ذلك مما يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر ورسالة في فنون شتى وله رسائل بديعة منها رسالة حي بن يقطان ورسالة سلامان وابسال ورسالة الطير وغيرها وانتفع الناس يكتبه وهو أحد فلاسفة المسلمين وله شعر فمن ذلك قوله في النفس هبطت إليك من المحل الأرفع * ورقاء ذات تعزز وتمنع) (محجوبة عن كل مقلة عارف * وهي التي سفرت فلم تبرق) (وصلت على كره إليك وربما * كرهت فراقك وهي ذات تفجع) (أنفت وما ألفت فلما واصلت * ألفت مجاورة الخراب البلقع) (وأظنها نسيت عهودا بالحمى * ومنازلا بفراقها لم تقنع) (حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها * من ميم مركزها بذات الأجرع) (علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت * بين المعالم والطلول الخضع) (تبكي وقد نسيت عهودا بالحمى * بمدامع تهمي ولما تقلع) (حتى إذا قرب المسير إلى الحمى * ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع) (وغدت تغرد فوق ذروة شاهق * والعلم يرفع كل من لم يرقع) (وتعود عالمة بكل خفية * في العالمين فخرقها لم يرفع) (فهبوطها إذ كان ضربة لازم * لتكون سامعة لما لم تسمع) (فلأي شيء أهبطت من شاهق * سام إلى قعر الحضيض الأوضع)
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»