وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ١٤٩
ترد على أهل مكة وعلى الحجاج وغيرهم ما قد أخذت منهم وترد الحجر الأسود إلى مكانه وترد كسوة الكعبة فأنا بريء منك في الدنيا والآخرة فلما وصله هذا الكتاب أعاد الحجر واستعاد ما أمكنه من أموال أهل مكة فرده ثم ذكر شيخنا ابن الأثير في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة أن القرامطة ردوا الحجر إلى مكة وقالوا أخذناه بأمر وأعدناه بأمر وكان بجكم التركي أمير بغداد والعراق قد بذل لهم في رده خمسين ألف دينار فلم يردوه وردوه الآن وقال غير شيخنا إنهم ردوه إلى مكانه من الكعبة المعظمة لخمس خلون من ذي القعدة وقيل من ذي الحجة من السنة في خلافة المطيع لله وإنه لما أخذوه تفسخ تحته ثلاثة جمال قوية من ثقله وحملوه لما أعادوه على جمل واحد ضعيف فوصل به سالما قلت وهذا الذي ذكره شيخنا من كتاب المهدي إلى القرمطي في معنى الحجر وأنه رده لذلك لا يستقيم لأن المهدي توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وكان رد الحجر في سنة تسع وثلاثين فقد ردوه بعد موته بسبع عشرة سنة والله أعلم ثم قال شيخنا عقيب هذا ولما أرادوا رده حملوه إلى الكوفة وعلقوه يجامعها حتى رآه الناس ثم حملوه إلى مكة وكان مكثه عندهم اثنتين وعشرين سنة قلت وقد ذكر غير شيخنا أن الذي رده هو ابن سنبر وكان من خواص أبي سعيد ثم ذكر شيخنا في سنة ستين وثلاثمائة أن القرامطة وصلوا إلى دمشق فملكوها وقتلوا جعفر بن فلاح نائب المصريين وقد سبق في ترجمة جعفر المذكور طرف من خبر هذه القضية ثم بلغ عسكر القرامطة إلى عين شمس وهي على باب القاهرة وظهروا عليهم ثم انتصر أهل مصر عليهم فرجعوا عنهم قلت وعلى الجملة فالذي فعلوه في الإسلام لم يفعله أحد قبلهم ولا بعدهم من
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»