وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٢٣
رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما ولي الملك الصالح مصر وهو (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * حتى يراق على جوانبه الدم) فعمل بمقتضاه وحدث علي بن يحيى بن علي بن مهدي قال كان المنجمون حكموا لما خرج المعتصم إلى الروم بأنه لا يرجع من وجهه فلما فتح ما فتح وخرب عمورية في شهر رمضان سنة 223 وانصرف سالما قال أبو تمام (السيف أصدق أنباء من الكتب * في حده الحد بين الجد واللعب) (بيض الصفائح لا سود الصحائف في * متونهن جلاء الشك والريب) (والعلم في شهب الأرماح لامعة * بين الخميسين لا في السبعة الشهب) وقيل إنه كرر إنشاد هذه القصيدة ثلاثة أيام فقال له المعتصم لم تجلو علينا عجوزك قال حتى أستوفي مهرها يا أمير المؤمنين فأمر له بمائة وسبعين ألف درهم عن كل بيت منها ألف قال الحسن بن وهب دخل أبو تمام على محمد بن عبد الملك الزيات فأنشده قصيدته التي أولها (لهان علينا أن نقول وتفعلا *) فلما بلغ إلي قوله (والله لا آتيك إلا فريضة * وآتي جميع العالمين تنفلا) (وليس امرءا في الناس كنت سلاحه * عشية يلقى الحادثات بأعزلا) فقال أما والله ما أحب بمدحك مدح غيرك لتجويدك وإبداعك ولكن تنقص مدحك ببذلك له لغير مستحقه فقال لسان العذر معقول وإن كان فصيحا ومر في القصيدة فأمر له بخمسة آلاف درهم وكتب إليه بعد ذلك (رأيتك سهل البيع سمحا وإنما * يغالي إذا ما ظن بالشيء بايعه)
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»