ولأبي تمام المذكور (لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه * لظل يلثم منه موطىء القدم) وللبحتري أيضا في هذا المعنى (ولو أن مشتاقا تكلف فوق ما * في وسعه لسعى إليك المنبر) ولما سار المأمون إلى بلاد الشام يريد غزو الروم مدحه أبو تمام بقصيدتين فلم يجد من يوصلهما إليه وذلك قبل قدوم أبي تمام العراق ثم صار إلى العراق في خلافة المعتصم فمن ذلك قوله في المأمون قصيدة قال فيها (ثم انبرت أيام هجر أردفت * نحوي أسى فكأنها أعوام) (ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكأنها وكأنهم أحلام) فأخذها حتى بلغ فيها (اتضعضعت عبرات عينك أن دعت * ورقاء حين تضعضع الإظلام) (لا تشجين لها فإن بكاءها * ضحك وإن بكاءك استغرام) (هن الحمام فإن كسرت عيافة * من حائهن فإنهن حمام) حكي عن يموت بن المزرع قال كان أحمد بن المدبر إذا مدحه شاعر ولم يرض شعره أو غلمانه أن يمضوا به إلى المسجد فلا يفارقوه أمر يصلي مائة ركعة فكان هذا دأبه قال فتحاماه الشعراء إلا الأفراد المجيدون فأتاه أبو عبد الله الحسين بن عبد السلام المصري المعروف بالجمل فاستأذنه في النشيد فقا له عرفت الشرط قال نعم فأنشده (أردنا في أبي حسن مديحا * كما بالمدح تنتجع الولاة)
(١٩)