العتيق وسار جوهر إلى جامع ابن طولون وأمر بأن يؤذن فيه بحي على خير العمل وهو أول ما أذن ثم أذن بعده بالجامع العتيق وجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم ولما استقر جوهر بمصر شرع في بناء القاهرة وسير عكسرا إلى دمشق وغزاها فملكها ووصلت البشارة إلى مولاه المعز بأخذ البلاد وهو بإفريقية في نصف شهر رمضان المعظم من السنة المذكورة ويدعوه إلى المسير إليه ففرح فرحا شديدا ومدحه الشعراء فمن ذلك محمد بن هانىء الأندلسي من قصيدة (يقول بنو العباس قد فتحت مصر * فقل لبني العباس قد قضي الأمر) (وقد جاوز الإسكندرية جوهر * تطالعه البشرى ويقدمه النصر) وأقام بها حتى وصل إليه مولاه المعز وهو نافذ الأمر واستمر على علو منزلته وارتفاع درجته متوليا للأمور إلى يوم الجمعة سابع عشر المحر سنة أربع وستين فعزله المعز عن دواوين مصر وجباية أموالها والنظر في أحوالها وكان محسنا إلى الناس إلى أن توفي يوم الخميس لعشر بقين من ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة رحمه الله تعالى وكانت وفاته بمصر ولم يبق بها شاعر إلا رثاه وذكر مآثره وكان سبب إنفاذ مولاه المعز له إلى مصر أن كافورا الإخشيدي الخادم الآتي ذكره في حرف الكاف لما توفي استقر الرأي بين أهل الدولة أن تكون الولاية لأحمد بن علي بن الإخشيد وكان صغير السن على أن يخلفه ابن عم أبيه أبو محمد الحسين بن عبد الله بن طغج وعلى أن تدبير الرجال والجيش إلى شمول الإخشيدي وتدبير الأموال إلى أبي الفضل جعفر بن الفرات الوزير وذلك يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادي الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة ودعي لأحمد بن علي بن الإخشيد على المنابر بمصر وأعمالها والشامات والحرمين وبعده للحسين بن عبد الله ثم إن الجند اضطربوا لقلة الأموال وعدم الإنفاق فيهم كما ذكرناه في ترجمة جعفر بن الفرات المقدم ذكره فكتب جماعة من وجوههم إلى المعز بإفريقية يطلبون منه إنفاذ العساكر ليسلموا له مصر فأمر القائد
(٣٧٦)