سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٥٨
عشر فرسخا من الجانب الشرقي الشمالي لقاين ومنها جنوبا إلى هراة ثلاثون فرسخا ورأيت بقاين رجلا اسمه أبو منصور محمد بن دوست ملم بكل علم من طب وفلك ومنطق فسألني أي شيء خارج هذه الأفلاك والأنجم قلت يسمى شيئا ما يكون داخل الأفلاك أما ما وراءها فلا يجوز أن يسمى شيئا فقال ما وراء السماوات معنوي أم مادي قلت لا جدال أن العلم محدود وحده فلك الأفلاك والحد ما يقصل فلكا عما عداه فإذا علم هذا وجب أن يكون ما وراء الأفلاك مخالفا لما في داخلها قال هذا المعنى الذي يثبته العقل هل له نهاية من هذه الناحية إن كانت له نهاية فأين وإن كان لا نهاية له فكيف يقبل الللامتناهي الفناء وتكلمنا زمنا على هذا النحو فقال أنا كثير الحيرة من هذا فقلت ومن لا يحار فيه وعلى كل حال فقد لبثنا بقاين شهرا بسبب ثورة كانت في زوزون أثارها عبيد النيسابوري ولتمرد رئيس زوزن وقد أرجعت من هناك الفارس الذي بعثه معنا الأمير كيلكي وخرجنا من قاين قاصدين سرخس فبلغناها في الثاني من جمادى الآخرة (أول أكتوبر) وقدرت من البصرة إلى سرخس تسعين وثلاثمائة فرسخ وقد غادرنا سرخس عن طريق الرباط الجعفري والرباط العمري والرباط النعمتي وهي ثلاثة أربطة متقاربة على الطريق وفي الثاني عشر من جمادى الآخر بلغنا مدينة مرو الرود وخرجنا منها بعد يومين وتبعنا طريق آب كرم وفي التاسع عشر بلغنا فارياب بعد ان سرنا ستة وثلاثين فرسخا وكان أمير خراسان جعفري بيك أبو سليمان داود ابن ميكائيل بن سلجوق في شبورغان وكان يقصد الذهاب إلى دار ملكه مرو وقد اتبعنا طريق سنكلان بسبب الثورات ثم اتجهنا ناحية بلخ عن طريق سه دره فلما بلغنا رباطها سمعنا أن أخي أبا الفتح عبد الجليل كان في حاشية وزير أمير خراسان المسمى أبا نصر وقد مضى على خروجنا من خراسان سبعة أعوام فلما بلغنا دستكرد رأينا أمتعة تنقل إلى شبورغان فسأل أخي الذي كان معي لمن هذه فقيل له
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 » »»