سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٤٤
صلى أحد فإنه لا يمنع ولكنهم أنفسهم لا يصلون ويجيب السلاطين من يحدثهم من الرعية برقة وتواضع ولا يشربون مطلقا وعلى باب قبر أبي سعيد حصان مهيأ بعناية عليه طوق ولجام يقف بالنوبة ليلا ونهارا يعنون بذلك أن أبا سعيد يركبه حين يرجع إلى الدنيا ويقال إنه قال لأبنائه حين أعود ولا تعرفونني اضربوا رقبتي بسيفي فإذا كنت أنا حييت في الحال وقد وضعت هذه الدلالة حتى لا يدعي أحد أنه أبو سعيد وقد ذهب أحد هؤلاء السلاطين بجيش إلى مكة أيام خلفاء بغداد فاستولى عليها وقتل من كان يطوف بالكعبة وانتزع الحجر الأسود من مكانه ونقله إلى الحسا وقد زعموا أن هذا الحجر مغناطيس يجذب الناس اليه من أطراف العالم ولم يفقهوا أن شرف محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وجلاله هما اللذان يجذبان الناس فقد لبث الحجر الأسود في الحسا سنين عديدة ولم يذهب إليها أحد وأخيرا اشتري منهم الحجر الأسود وأعيد إلى مكانه وفي الحسا تباع لحوم الحيوانات كلها من قطط وكلاب وحمير وبقر وخراف وغيرها وتوضع رأس الحيوان وجلده بقرب لحمه ليعرف المشتري ماذا يشتري وهم يسمنون الكلاب هناك كما تعلف الخراف حتى لا تستطيع الحركة من سمنها ثم يذبحونها ويبيعون لحمها والبحر على مسيرة سبعة فراسخ من الحسا إلى ناحية الشرق فإذا اجتازه المسافر وجد البحرين وهي جزيرة طولها خمسة عشر فرسخا والبحرين مدينة كبيرة أيضا بها نخل كثير ويستخرجون من هذا البحر اللؤلؤ ولسلاطين الحسا نصف ما يستخرجه الغواصون منه وإذا سار المسافر جنوب الحسا يبلغ عمان وهي في بلاد العرب وثلاثة جوانب منها صحراء لا يمكن اجتيازها وولاية عمان ثمانون فرسخا في مثلها وهي حارة الجو ويكثر بها الجوز الهندي المسمى نارجيل وإذا أبحر المسافر من عمان نحو الشرق
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»