سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٥١
فنزل الركاب من السفينة وتقع عبادان على شاطئ البحر وهي كالجزيرة إذ أن الشط ينقسم هناك إلى قسمين مما يجعل بلوغها متعذرا من أي ناحية بغير عبور الماء ويقع المحيط جنوب عبادان ولذا فإن الماء يبلغ سورها وقت المد كما أنه يبتعد عنها أقل من فرسخين أثناء الجزر ويشتري بعض المسافرين الحصير من عبادان ويشتري البعض الآخر المأكولات منها وفي صباح اليوم التالي أجريت السفينة في البحر وسارت بنا شمالا وكان المد حلوا مستساغا لغاية عشرة فراسخ ذلك لأن الشط يسير كاللسان في وسط البحر ولما ارتفعت الشمس ظهر في البحر شيء يشبه العصفور الدري وكان يكبر كلما اقتربنا منه فلما واجهناه من اليسار على مسافة فرسخ خالفت الرياح فرموا المرساة ولفوا الشراع فسألت ما هذا قالوا إنه الخشاب وصف الخشاب (المنار) يتكون من أربعة أعمدة كبيرة من خشب الساج على هيئة المنجانيق وهو مربع قاعدته متسعة وقمته ضيقة ويرتفع عن سطح البحر أربعين ذراعا وعلى قمته حجارة وقرميد مقامة على عمد من خشب كأنها سقف ومن فوقها أربعة عقود يقف بها الحراس ويقول البعض إن الذي بنى الخشاب هذا تاجر كبير ويقول آخرون بل بناه أحد الملوك وكان الغرض منه شيئين أحدهما أنه بني في جهة ضحلة يضيق البحر عندها فإذا بلغتها سفينة كبيرة ارتطمت بالأرض ففي الليل يشعلون سراجا في زجاجة بحيث لا تطفئه الرياح وذلك حتى يراه الملاحون من بعيد فيحتاطون وينجون والثاني ليعرف الملاحون الاتجاه وليروا القرصان إن وجدوا فيتقونهم بتحويل اتجاه السفينة
(١٥١)
مفاتيح البحث: السفينة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»