سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٥٣
الملك وكنت قد سئمت من كثرة ما أقمت بمروبان فكتبت له خطابا وأعلمته بحالي والتمست منه أن يرحلني من هذه المدينة إلى بلد أمين فلما أرسلت الكتاب جاءني في اليوم الثالث ثلاثون راجلا مدججون بالسلاح وقالوا قد أرسلنا الشيخ لنكون في خدمتك إلى أرجان وقد اصطحبونا آمنين إليها أرجان مدينة كبيرة بها عشرون ألف رجل وفي الجانب الشرقي منها نهر ينحدر من الجبل الذي شقت عند جانبه الشمالي أربع ترع عظيمة تتخلل المدينة وقد أنفق في إنشائها مال كثير وتسير هذه الترع إلى ما وراء أرجان وقد زرعت على شواطئها الحدائق والبساتين وبها كثير من النحل وأشجار النارنج والترنج والزيتون وبنيت أرجان بحيث يكون ما تحت الأرض من بيوتها مساويا لما فوقها ويتخلل الماء هذه المساكن الأرضية والسراديب في جميع جهات المدينة حيث يستريح الناس في فصل الصيف والناس هناك على مذاهب شتى وإمام المعتزلة اسمه أبو سعيد البصري وهو رجل فصيح يدعي العلم بالهندسة والحساب وقد تباحثت معه وسأل كل منا الآخر وأجابه كما سمعت منه في علمي الكلام والحساب وغيرهما غادرت أرجان في أول المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة (2 مايو 1052) وقد اتجهنا ناحية أصفهان عن طريق كوهستان فبلغنا في الطريق جبلا به شق ضيق يقول العامة إن بهرام جور شقه بسيفه ويسمونه شمشير بريد ورأينا في هذا المكان ماء متدفقا يتفجر من عين على يميننا وينزل من مكان عال ويقول العامة إن هذا الماء يجوم تفجره في الصف أما في الشتاء فيقف ويتجمد ثم بلغنا لوردغان وبينها وبين أرجان أربعون فرسخا ولوردغان هذه هي حدود فارس ومن هناك بلغنا خان لنجان ورأيت اسم السلطان طغرل بيك مكتوبا على بابها ومنها إلى أصفهان سبعة فراسخ ويعيش أهل خان
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»