سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٥٤
لنجان آمنين هادئين كل منهم مشتغل بعمله وشؤون بيته وفي الثامن من صفر سنة أربع وأربعين وأربعمائة (10 يونيو 1052) قمنا من هناك فبلغنا مدينة أصفهان ومن البصرة إليها ثمانون ومائة فرسخ وهي مشيدة على أرض مستوية ماؤها عذب وهواؤها عليل وحيثما حفرت الأرض عشر أذرع خرج ماء عذب بارد وللمدينة سور مرتفع حصين به بوابات ومقاتلات وعلى السور شرفات وفيها أنهار جارية وأبنية جميلة مرتفعة وفي وسطها مسجد جمعة جميل جدا ويقال إن طول سورها ثلاثة فراسخ ونصف وكلها عامرة من الداخل فلم أر بها خرابا قط وفيها أسواق كثيرة ورأيت فيها سوقا من أسواق الصرافين كان بها مائتا صراف ولكل سوق سور وبوابة محكمة وكذلك للأحياء والشوارع وأربطتها نظيفة وفي شارع اسمه كوطراز (شارع الطرازين) خمسون رباطا جميلا في كل منها تجار ومستأجرون كثيرون والقافلة التي صحبناها في الطريق كانت تحمل ثلاثمائة وألف خروار من البضائع ولما دخلنا أصفهان لم يتحر عن دخولنا أحد إذ لا تضيق أماكن السكنى أو تتعذر الإقامة أو المؤن بها ولما استولى السلطان طغرل بيك أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق رحمة الله عليه على هذه المدينة ولى عليها شابا نيسابوريا كان كاتبا مجيدا حسن الخط هادئا حسن اللقاء ولقبه الخواجة العميد كان صاحب فضل حلو الحديث كريما وكان السلطان قد أمر بأن لا يطالب الناس بشيء مدة ثلاث سنين فسار على ذلك وأعاد المهاجرين إلى أوطانهم وكان هذا الرجل من كتاب الشورى وكان بأصفهان قبل مجيئنا قحط عظيم ولكن حين بلوغنا إياها كان الشعير قد جمع وكان المن والنصف من خبز القمح يساوي درهما عدلا وكذلك كانت ثلاثة الأمنان من الشعير وقال الناس هناك إن أحدا منهم لم ير
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»