وكاتبا فيه فتوة الشباب ورجاحة العقل ومظاهر التقوى وقد أضافنا الوزير عنده من أول شعبان إلى نصف رمضان ثم أمر بإعطاء الأعرابي الذي استأجرنا جمله الثلاثين دينارا التي له علي فكفاني مؤونة هذا الدين اللهم تباركت وتعاليت فرج ضيق المدينين من عبيدك من هم القرض بحق الحق وأهله ولما أردنا السفر رحلنا عن طريق البحر بعد أن أفاض علينا بنعمه وأفضاله فبلغنا فارس في كرامة وهدوء ببركة هذا الرجل الحر رضي الله عز وجل عن الرجال الأحرار وفي البصرة ثلاثة عشر مشهدا باسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يقال لأحدها مشهد بني مازن وذلك أن أمير المؤمنين عليا صلى الله عليه وسلم جاء إلى البصرة في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين (سبتمبر 655) من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام وكانت عائشة رضي الله عنها قد أتت محاربة وقد تزوج أمير المؤمنين عليه السلام ليلى بنت مسعود النهشلي وكان هذا المشهد بيتها وقد أقام أمير المؤمنين اثنين وسبعين يوما ثم رجع إلى الكوفة وبجانب المسجد الجامع مشهد آخر يسمى مشهد باب الطيب ورأيت في مسجد البصرة عمودا من الخشب طوله ثلاثون ذراعا وسمكه خمسة أشبار وأربعة أصابع وكان أحد طرفيه أسمك من الطرف الآخر قيل إنه من أخشاب بلاد الهند استولى عليه أمير المؤمنين علي عليه السلام وأحضره للبصرة والأحد عشر مشهدا الأخرى كل منها بموضع وقد زرتها كلها بعد أن أيسرنا ارتدينا ملابسنا وذهبنا يوما إلى ذلك الحمام الذي لم يسمح لنا بدخوله من قبل فوقف الحمامي عند دخولنا من الباب وكذلك وقف كل من الحاضرين حتى دخلنا ثم جاء المدلك والقيم وقاما بخدمتنا فلما فرغنا ودخلنا غرفة الملابس وقف كل من بها ولم يجلسوا حتى لبسنا ثيابنا وخرجنا وفي أثناء ذلك كان الحمامي يقول لصاحب له هذان هما
(١٤٨)