سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٤٠
للصوص والمفسدين والجهلة وهي مقسمة بين فريقين بينهما خصومة وعداوة دائمة وقد قالوا نحن من أصحاب الرسيم الذين ذكروا في القرآن الكريم وهناك أربع قنوات يسقى منها النخيل أما زرعهم ففي أرض عالية يرفع إليها معظم الماء من الآبار وهم يستخدمون في زراعتهم الجمال لا الثيران ولم أرها هناك وزراعتهم قليلة واجر الرجل في اليوم عشرة سيرات من غلة يخبزها أرغفة ولا يأكلون إلا قليلا من صلاة المغرب حتى صلاة المغرب التالية كما في رمضان ويأكلون التمر أثناء النهار وقد رأيت هناك تمرا طيبا جدا أحسن مما في البصرة وغيرها والسكان هناك فقراء جدا وبؤساء ومع فقرهم فإنهم كل يوم في حرب وعداء وسفك دماء وهناك تمر يسمونه ميدون تزن الواحدة منه عشرة دراهم ولا يزيدون وزن النوى به عن دانق ونصف ويقال انه لا يفسد ولو بقي عشرين سنة ومعاملتهم بالذهب النيشابوري وقد لبثت بفلج هذه أربعة أشهر في حالة ليس أصعب منها لم يكن معي من شؤون الدنيا سوى سلتين من الكتب والناس جياع وعراة وجهلاء ويلتزمون حمل الترس والسيف إذا ذهبوا للصلاة ولا يشترون الكتب وكان هناك مسجدا نزلنا فيه وكان معي قليل من اللونين القرمزي واللازورد فكتبت على حائط المسجد بيت شعر ووضعت في وسطه ورق الشجر فرأوه وتعجبوا وتجمع أهل القلعة كلها ليتفرجوا عليه وقالوا لي إذا تنقش محراب هذا المسجد نعطيك مائة من تمرا ومائة من تمرا عندهم شيء كثير فقد أتى وأنا هناك جيش من العرب وطلب منهم خمسمائة من تمرا فلم يقبلوا وحاربوا وقتل من أهل القلعة عشرة رجال وقلعت ألف نخلة ولم يعطوهم عشرة أمنان تمرا وقد نقشت المحراب كما اتفقوا معي وكان لنا في المائة من من التمر عون كبير إذ لم يكن ميسورا أن نجد
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»