وتولى أمر الملك بعده ابنه هوجيت الملك فسار سيرة أبيه في العمارة والعدل والرقة والرأفة بالناس فأحبوه.
وبنى الهرم الأول من أهرام دهشور، وحمل إليه كثيرا من الأموال والجوهر، وكان غرضه جمع المال وعمل الكيمياء وإخراج المعادن ودفن كل ما تهيأ له من الكنوز في كل سنة.
وكانت له قصة مع بعض جواريه (1) فنفاها إلى ناحية الغرب، وأمر فبنيت لها هناك مدينة وأمر أن يقام فيها علم ويزبر عليها اسمها وقصتها، وأسكن معها كل امرأة مسنة من أهل بيته.
وشج في أيامه رجل رجلا فأمر بقطع أصابعه، وسرق سارق مالا لرجل فملك رقه للذي سرق منه.
وعمل منارات ومصانع وطلسمات، وملكهم تسعا وتسعين سنة ومات.
وملك عليهم ابنه مناوس الملك، وكان جبارا عظيما وعذابا أليما (2) فآذى الناس، وسفك الدماء، واغتصب النساء، واستخرج كنوز بابل، وبنى قصورا بذهب وفضة، وفجر فيها الأنهار، وجعل حباءها من صنوف الجواهر وتمخرق في الهبات على غير ما يجب، وأغفل العمارات.
وأباح أصحابه غصب نساء العامة، وكان هو يفتض النساء قبل أزواجهن، وأطاف به أهل الشر من كل ناحية، فأبغضه الناس وكرهوا أيامه.
وامتنع عليه قوم في شئ أمرهم به فأحرقهم بالنار، وسلط رجلا من الجبارين يقال له قرناس من ولد إدريس بن آدم على محاربة الأمم القريبة في الماء فقتل منهم عالما كثيرا وحده.