رجلا على أن يدخلوا الهرم، ولا يبرحوا منه إلى أن يصلوا إلى منتهى آخره أو يموتوا عن آخرهم فيه.
فأخذوا معهم من الطعام والشراب ما يكفيهم لشهرين، وأخذوا الاكل والوقيد والشمع والحبال والفؤوس، وما احتاجوه من الآلات والحديد للحفر، دخلوا الهرم ونزل أكثرهم في الزلاقة الأولى والثانية، ومضوا يمشون في أرض الهرم، فرأوا خفافيش على قدر العقبان تضرب وجوههم، وانتهوا إلى ثقب تخرج منه ريح باردة ولا تفتر، فذهبوا ليدخلوه فانطفأت مسارجهم، فذهبوا ليدخلوه فإذا الثقب على قاعة كبيرة فارغة، فعلموا أن أجساد موتاهم في ذلك الموضع، وأن معها كنوزهم وأموالهم، فراموا أن ينزلوه فلم يستطيعوا على ذلك.
فقال أحدهم: شدوني بالحبال، وانزلوني في هذا الثقب حتى أصل إلى قعر هذه القاعة، ولعلي أعلم منها بعض ما تريدون، ففعل القوم بصاحبهم ذلك، وشدوا الحبال في وسطه وتعجم الثقب فأبطأ فيه، وهم يمسكون الحبال حتى انطبق الثقب عليه، فجذبه أصحابه بجهدهم وقوتهم فلم يقدروا على نزعه وسمعوا عظامه تتكسر وسمعوا صيحة هائلة سقطوا منها على وجوههم لا يعقلون، فقاموا وطلبوا الخروج، وضاق بهم الامر وصعدوا فسقط بعضهم من الزلاقة عند صعودهم، فترك وهلك.
وخرج من بقي منهم من جميع الهرم، وجلسوا في صيحة متعجبين، فبينما هم كذلك إذ أخرجت لهم الأرض صاحبهم من بين أيديهم حيا يتكلم بكلام كاهني لم يفهموا معناه، فسره لهم بعض أصحاب الدرايات بالصعيد بأنه " هذا جزاء من طلب ما ليس له " ثم سقط ميتا فحملوه، وفطن بهم فأخذوا وحملوا إلى الوالي، فحدثوا عن أنفسهم ذلك.