فانتبه سهلون، وجعل يتفكر فيما رأى وتعجب منه وعزم أن ينفذ ما أمره به، فمشى إلى الجبل وحمل الطائرين معه وامتثل ما أمره به أبوه إلى أن وقف حذاء المرأة فسلم عليها، فقالت له أتعرفني؟ قال لا، لأني ما رأيتك قبل وقتي هذا، قالت له: أنا صورة النار المعبودة في الأمم الخالية، وقد أردت أن تحيي ذكري، وتتخذ لي بيتا وتوقد لي فيه نارا دائمة، بقدر واحدة، وتتخذ لي عيدا في كل سنة تحضره أنت وقومك، فإنك تتخذ بذلك عندي أنلك بها شرفا إلى شرفك، وملكا إلى ملكك، وامنع عنك وعن قومك من يطلبك ويعمل الحيلة عليك، وأدلك على كنوز جدك مصرام.
فضمن لها أن يفعل ذلك فدلته على الكنوز التي كنزها جده تحت المدائن المعلقة وكيف يصير إليها، وكيف يمتنع من الأرواح الموكلة بها وما ينجيه منها.
فلما فرغ مما أراده من ذلك، قال لها فكيف لي بأن أراك في الأوقات التي أريد وأحتاج أن أسألك عما يطرأ من الأمور فأسير إليك؟ قالت له اما هذا المكان فلا تقربه بعد وقتك هذا، ولكن إذا أحببت ان تراني فدخن في الوقت الذي علمته لك بكذا وكذا، أشياء ذكرتها له: منها عظام ما يقربه من القرابين والذبائح، وصموغ الأشجار. فاني أتخيل لك وأخبرك بكل حق وباطل يكون في بلدك.
فلما سمع ذلك منها سر به سرورا عظيما، وغابت الصور، وظهرت الأفعى، وخرج هاربا، فلما نجا جعل على الكوة سدا ولم يؤخر ما فعلته به.
وأخرج كنوز جده وعمل بأمسوس وغيرها من العجائب ما يطول به الذكر، فمنها القبة المركبة على سبعة أركان، في بعض مصاحف القبط أن هذه القبة يقال لها قبة القضاء.