كما لا يمكنني أن أجزم بأن الذي اختصره غير المسعودي، وعلى أية حال فقد وجدنا التسمية على صدر النسخة الخطية المحفوظة بباريس، والتي صورت عنها النسخة التي في المكتبة الملكية.
كما وجدت التسمية على صدر النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة تيمور باشا، وفي كلتا النسختين يضاف الكتاب إلى المسعودي.
وأيا ما كان الكتاب للمسعودي أو غيره، فالكتاب فيه أشياء غربية وأخبار طريفة تفيدنا كثيرا في معرفة التاريخ القديم بوجه عام والمصريين بوجه خاص، ولو أن العلم الحديث يقفنا منها موقف الريبة والشك.
وسيجد القارئ فيه لذة لا تعدلها لذة، وسيمضي في قراءته دون كد ولا ملل،، وسيعاود قراءته بعد ذلك مرات، وهو بلا ريب منته إلى إحدى ثمرتين:
الأولى - أن الانسان فيما مضى وتصرم من الأجيال كان أقدر منه في هذه الحياة العصرية، وأن السحر والكهانة لعبا دورا كبيرا في غابر الأحقاب، وأن القدماء وصلوا في العلم بهما إلى غاية تتقاصر دونها أقصى الغايات.
الثمرة الثانية - أن قدماء المؤرخين كانوا ذوي خيال واسع، قصاصين بارعين قادرين على أن يجسموا الخيال، ويلبسوه ثوبا من الحقيقة محكم النسج.
وسيقف القراء منه على أن ما بلغه المصريون من الصناعة وعمارة الأرض والفنون والعلوم والحكمة والبصر بالكيمياء لم تبلغه أمة من الأمم، وسيجدون فيه من العجائب التي أقامها المصريون بالهندسة أو السحر أعاجيب أدناها الأهرام هذه التي أفنت العصور، ولم تبلها العصور.
وسيعلمون ان ليست هذه الأهرام وحدها التي أقامها القدماء آيات شاهدة لهم بالقوة والأيد واتساق الملك الجبروت.