بعض ما كان يحويه كتاب أخبار الزمان لوجدنا أمامنا من العبارات ما يضيق به هذا المكان، لكن في هذا ما يكفي لذي اللب.
(5) وثمة دليل آخر وفرق يسير وهو إن لم يكن دقيقا إلا أننا نذكره من قبيل العرض والتدليل على أنه ليس كتاب أخبار الزمان الذي يذكره المسعودي ذلك أن اسمه جاء هكذا:
(كتاب أخبار الزمان، ومن أباده الحدثان، وعجائب البلدان، والغامر بالماء والعمران).
وجاء اسم ذلك في مروج الذهب هكذا:
كتاب أخبار الزمان، ومن أباده الحدثان من الأمم الماضية والأجيال والممالك الدائرة.
وإذن فما نسب هذا الكتاب من كتاب أخبار الزمان، وما صلته بالمسعودي؟
ذلك سؤال يخطر بعد ما أسلفناه من قول، والواقع أن نسبة هذا الكتاب للمسعودي في غاية من القوة، ذلك أننا لو ذهبنا نقيس ما جاء فيه من أخبار على ما جاء في كتب المسعودي المعتمد نسبتها إليه لوجدناه مطابقا لها في الجملة ولا نكاد نرى فيه اختلافا، وبذلك نجزم بأنها آراء المسعودي ونقوله.
ولا يصح أن نذهب إلى أن الكتاب مختصر من كتابي المسعودي اللذين عرفناهما، لان ما يورده فيه من اخبار يضعف بكثير جدا ما يذكره في المروج أو التنبيه ويربي على ما فيهما.
وأنا بعد ذلك أذهب إلى أن هذا الكتاب إما أن يكون اختصارا لجانب يسير من كتاب أخبار الزمان، ولولا أن الكتاب تام، وقد عملت له خاتمة لقلت إنه قسم منه، وكذلك قال الذين رأوه وفهرسوا الكتب العربية الخطية أمثال بروكلمان وجولدزيهر.