فأقسم عليه معاوية أن يخلي بينه وبين القوم، فكف، وبدره ابن عبد الله فقال: يا ابن عم:
إذا اجتمعوا علي فخل عنهم * وعن ليث مخالبه دوامي [32 ب] ثم قال: أنا معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنة، الصحيح الأديم، الواضح البرهان، آبائي من العرب مصاصها، وفي الحروب لهامها، ومن الدين كاهلها وسنامها، نحن أهل بيت الرحمة ومعدن الحكمة.
زعمت يا عمرو أنكم أفنيتمونا بصفين والمواطن، كذبت. لقد ورد عمي بلادكم فقتل مقاتلكم، فلما هم بالسبي رفعتم المصاحف، فمن عليكم بالعفو، وما كان ينبغي يا عمرو أن تنطق وقد شغرت (1) برجليك وسط العجاجة كالعاهرة تطلب فحلها، ثم تنطق في قريش فينبغي لك، هبلتك الهوابل، ألا تفاخرنا بعد ذلك. أطمعت في حداثة سني فظننت ألا أبصر عيوبكم!
لأنا أحفظ لها مني للقرآن. ثم التفت إلى مروان فقال: ما ظننت الرخمة تنطق في محافل العقبان. هيهات يا مروان! قصر خطوك، وضاق باعك عن مثل الشرف الاعلى، والمراتب الأولى، والنجباء الذين نطقوا بتأويل القرآن وتنزيله، فتقاوم فروعهم، وتفاخر آباءهم، أنت أذل حسبا وأوتح (2) نسبا، قد أطلقك عمي بعد ما أتي بك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش (3)، فمن عليك سيد الأوصياء وأمير النقباء، ووصي الأتقياء بالعفو، وأنى لك مثل رجالنا الذين كانوا جبال العز وأطواد [33 أ] الفخر، يسطع نورهم فلا يخمد، ويقبل قولهم فلا ينفذ. نطحنكم في الحروب، ونذروكم فيها ذرو الريح يابس الهشيم، نورد فلا تصدرون، ونصدر فلا توردون، علونا عليكم