أتاه الحاجب قال: إنا معشر بني عبد مناف إذا حضرت الصلاة لم نقم حتى تقضى الصلاة، أصلي وآتيه إن شاء الله. فرجع فأخبره، فقال: صدق.
فلما صلى العصر دخل فقال: يا أبا العباس ادخل بيت المال فخذ حاجتك وإنما أراد أن يعلم الناس من أهل الشام أنه صاحب دينا فعرف ابن عباس [14 أ] ما يريد، فقال: ليس ذاك لي ولا لك، فإن أذنت لي أن أعطي كل ذي حق حقه فعلت. فقال: أقسمت عليك لما دخلت بيت المال وأخذت فدخل فأخذ منه برنس خز، ثم خرج فقال: يا أمير المؤمنين بقيت لي حاجة قال: وما هي؟ قال: علي عليه السلام، قد عرفت فضله وسابقته وقرابته (1)، قد كفاكه الموت، أحب ألا يشتم على منابركم، قال: هيهات يا ابن عباس، هذا امر دين، أليس وأليس (2) فعل وفعل؟ قال: أنت أعلم.
ثم خرج متوجها إلى المدينة منصرفا.
عبد الله بن زاهر (3) الكوفي عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي: أن معاوية لما ورد المدينة حاجا، في خلافته استقبله أهل المدينة وهم قريش، فقال: ما فعلت الأنصار؟ فقيل:
إنهم محتاجون، لا دواب لهم. فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ فقال قيس ابن سعد بن عبادة: أحربناها (4) يوم بدر وأحد، وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ضربوا أباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وهم كارهون، فسكت معاوية، فقال قيس: أما إن رسول الله صلى