أنا صاحبكم، أنا إبراهيم، فخلوا عن الرجل، فخلوا أبا العباس وأخذوه.
قال طيفور: فقال لهم إبراهيم: لو تركتموني أسلم على أهلي وأوصيهم، قالوا: شأنك. فاجتمع النساء ودخل عليهم إبراهيم، وقد أحاطوا بالمسجد والبيت، فسلم على أهله وأوصاهم وودعهم ومضوا به إلى دمشق. وشخص معه أبو (1) العباس وعيسى بن موسى وعبد الله بن علي وعدة من مواليهم فيهم المهلهل بن صفوان وياسر صاحب شراب المنصور. وصحب إبراهيم المتوجه به إلى دمشق بأرفق صحبة يخدمه ويلاطفه ويوقره، حتى إذا أشرفوا على دمشق قال لإبراهيم وقد قرب لهم طعام فهم يأكلونه: إنه والله لولا خيفتي على نفسي من مروان لخليت سبيلك، وقد رأيت حسن صحبتي لكم، وقد أحببت أن أعقد بيني وبينكم عقدا وأنقطع بمودتي إلى رجل منكم. فقالوا: ما نتذكر منك إلا الجميل، وكلنا لك واد شاكر ما بقينا فاختر من شئت، [198 أ] فقال: قد اخترت أبا العباس. فقال: أبو (2) العباس: أنا لك على المخالصة عليك (3)، وشكرك على ما كان منك، فمسح على يد أبي العباس، وقال: أليس الامر على ما وصفت؟ قال: بلى.
ومضى إبراهيم إلى الوليد بن معاوية، فلما أدخله عليه حبسه، وأقام (4) أهله ومواليه معه في دمشق، فأتاهم آت من أهل دمشق فقال لهم: إن عبدة ابن رباح الغساني يقول لكم: إني لست آمن أن يكتب بعض نصحاء مروان إليه باجتماعكم مع صاحبكم، وقد عظمت همته له في ملكه، فيأمر بأخذكم وحبسكم جميعا، وليس لصاحبكم في إقامتكم هاهنا نفع، ولعل ذلك