وأنت راض غير متهم؟ قال: نعم. قال: يا أمير المؤمنين! هذا رجل زاكي [196 ب] الحسب ليس بمغمور في حسبه (1) ولا في قرابته بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد عظم الخطب (2) الذي ترهبه (3) منه، فكنت أرى أن تستخلصه، وتدفع معرة هؤلاء القوم الذين دعوا إليه باستصلاحه والأصهار إليه، وترسل إليه قبل أن يظهر شأنه فتوكد عليه بيعتك، وتزوجه بعض بناتك اللاتي قد ملان قصرك (4)، وتوليه الجزيرة فيكون في جندك وبقربك، ويغدو ويروح عليك، وقد وصلته وأكرمته بملاحمتك إياه ووليته وأذقته حلاوة سلطانك فبالحري أن يشكرك ويحذر الغير إن كفرك، ويفي بعهدك، ولم تزر من سلطانك ولا من منزلتك شيئا، فإن قضى الله لأصحابه تفرقا بما دبرت من أمره فبالحري أن يكون ذلك، وإن تكن الأخرى كانت وقد وصلت رحمه وحقنت دمه ومننت عليه وأحسنت إليه، ولو بدأته بما وصفت من غير أمر داريته منه لما نقصك ذلك ولا هجن رأيك. فنكس مروان طويلا لا يحير (5) بشئ. فلما رأى عبد الحميد ذلك منه ولم ير شيئا يستدل به على غضبه وإنكاره قوله قال: يا أمير المؤمنين! هل تنقم من الرجل شيئا في دينه أو منصبه أو قرابته منك؟ قال: لا، ولو كنت ابتدأته بما ذكرت قبل أن يتفاقم [197 أ] أمره و (6) تسفك الدماء الكثيرة بسببه (7) كان الرأي الذي دعوت إليه غير مدفوع، ولكن قد وقع من أمره ما ترى، وقتل بخراسان
(٣٩٨)