في دعوتنا وتناصحونا في قتال نصر وأشياع مروان، فقال عثمان: نعم قد كنا على سبيل ضلال نناصح في قتال نصر وأعوانه، فكيف لا يكون ذلك منا على سبيل خير وهدى وحق. وافترقا على ذلك، ولم يكشفا أمرهما، وتحدث بذلك، وانصرف أبو مسلم إلى عسكره وعثمان إلى عسكر أخيه.
وبلغ نصر بن سيار إجابة علي أبا مسلم، ورأى تسارع الناس إليه ولحوق كثير ممن في عسكره به، فأرسل إلى علي بن الكرماني: إن الحرب كانت بيننا على الحمية، وقد كانت لبعضنا على بعض فيها بقية ترجع إلى ألفة العرب، وقد نجم بين أظهرنا من همته استئصالنا جميعا، قد بلغك ما أوقع هؤلاء القوم بنسا وطالقان (1) ومرو الروذ وآمل وزم (2)، وقلة إبقائهم على حرمة العرب، فهلم فلتجتمع أيدينا عليهم فإذا حصدناهم عاودنا ما كنا فيه، أو حكمناك فأنفذنا حكمك، ورضينا بذلك. وأرسل بذلك إليه جهم ابن مسعود والبحتري بن مجاهد، فقال علي: عودا [141 ب] إليه فقولا له:
والله ما وفيت لي قبل اليوم، فكيف أثق بك اليوم، وإنما تدعوني إلى نفسك وفل حدي عنك، والله لو قدرت أن أقاتلك بحرشان (3) الأرض فضلا عن إنسها فعلت، وقد سنح لي من أمر هؤلاء شئ قد رجوت به صلاح أجلي ودرك قتلي قبلك، فاله عما أخذت فيه، فليس لك عندي إلا السيف حتى يحكم الله بيني وبينك وهو خير الحاكمين.
فأتياه بذلك، فبعث نصر إلى جبلة بن أبي دؤاد فقال له: إنا قد وقعنا في أمر سيأتي على الأنفس والحريم، وقد لج فتاك هذا فأخبره أنه خدع،