ابعث إلى هؤلاء القوم فاحبسهم، فبعث إليهم فحبس منهم عدة فيهم أبو عون وعامر بن إسماعيل وأبو إسماعيل محمد بن سعدو سنان بن عبد الله وأبو نصيب.
ولما تضايق الامر بنصر عاود عليا فبعث إليه: أحب أن ترسل إلي رجلين من ثقات أصحابك أحملهم إليك رسالة لا مئونة عليك في استماعها، فبعث إليه المنتجع بن الزبير الأزدي ويعقوب بن يحيى بن الحصين الرقاشي، فلما لقياه قال لهما: مكانكما! أبلغا عني صاحبكما وقولا له: إن الامر قد جل عن الذي كنا نقتتل عليه وعاقبة هذا التباين فيها البوار، فإذا أبيت أن تساعدني على حرب هؤلاء المسودة فوادعني أشهرا فقد شغلتني عن إطفاء جمرتهم، وضع الحرب يني وبينك حتى أتفرغ لهم وأحاكمهم فإن ظفرت بهم فأنت على رأس أمرك، وإن ظفروا بي فأنت أعلم بشأنك بعد، وأيقن أنهم إن ظفروا بي تفرغوا لك. فرجعا إلى علي فخبراه بمقالته. قال لهما:
ارجعا إليه فقولا: لست من خدعك في شئ، وقد عاقدت القوم، ولن أرجع عما أعطيتهم من نفسي، فأتيا نصرا فأبلغاه ذلك. فلما رأى نصر نفور علي منه، جمع أهل الرأي من أصحابه فقال لهم: ما ترون؟ أما هذا الفتى فقد لج في طغيانه وأبى أن يجيبنا إلى الكف عنا. فقال له عقيل بن معقل: إنه لن يجيبك، ولن يكف عنك، ونرى أن تراسل شيبان، ولعله [144 ب] أن يكون ألين عقدة وأقرب مأخذا، وإن أجابك أجابك علي، وإن لم يجبك علي وقد خذله شيبان تعلمه عظيم ما صاروا إليه من أمر أبي مسلم وأصحابه، وأخبره أنه ليس قوم بأبعد من موافقته منهم، وأنهم قد تشاغلوا بالذي بينهم عن إطفاء ثائرتهم، واسألهم (1) أن توادعهم لتتفرغ لهم، فإذا انقضى أمرهم تناظروا فيما نقموا، وتعاطوا إلى الحق فيما أنكروا،