إن تركنا هذا السفيه. ثم أطرق نصر مليا ثم قال: هذا والله رأي من تركه ندم، والله ما زلنا نسمع بالرايات السود حتى رأيناها وابتلينا بها، وبالله لو أني أعلم أني آمن (1) فيهم لأسرعت إليهم وكنت رجلا منهم، ولكن كيف لي بذلك وأنا عندهم قاتل يحيى بن زيد وهم يبكون عليه ويندبون صباحا ومساء.
وبعث أبو مسلم أسلم بن أبي (2) سلام البجلي إلى علي بن الكرماني يعرض عليه أمره ودعوته، ويعلمه أنه مؤمره على نفسه ومجاهد معه من خالفه، وأن الامام قد أمره بذلك.
وذكروا أن سليمان بن كثير لقي علي بن الكرماني يومئذ مع أسلم، فقال له: قد سمعت أباك يوم وقع بينه وبين نصر ما وقع من التباعد يقول:
لهفي (3) على قائم يقوم من آل محمد، ولو أن راية ترفع، أين دعاة آل محمد، فكان يتمنى ما أتاك الله به عفوا، وأقبلا عليه يحرضانه ويرغبانه ويقولان له: تدرك ثأرك من نصر، فلم يزالا به حتى أجابهما إلى قبول الدعوة، فأخذا بيعته وانصرفا. وبعث علي بن الكرماني أخاه عثمان إلى أبي مسلم يستوثق منه ويؤكد عليه أن تكون يده مع يده حتى يستأصلا نصرا ومن معه.
وبلغ أبا مسلم إقبال عثمان بن الكرماني إليه فخرج من عسكره [141 أ] متلقيا له (4)، فالتقيا فيما بين العسكرين في منزل رجل من طي يقال له ابن حكيم، وقالوا في منزل حميد بن الخطاب المهري، وأخذ أبو مسلم بيعة عثمان ومن كان معه من قومه، واستوثق ولنفسه ولعلي على أبي مسلم وبلغنا أن أبا مسلم قال لعثمان: تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وتجاهدون من خالفنا