ووافقهم نزوع (1) العبيد من عسكر عدوهم، وانتشر ذلك وتحدث به بمرو في عسكر نصر وعلي بن الكرماني. وكان مصعب بن قيس داعية العبيد، لم يكن يدعو غيرهم، وأقبلت العبيد تأتي أبا مسلم وتنزع إليه، فلما كثروا صير لهم موضعا في خندقه على حدة، وولى عليهم داود بن كراز (2). وجعل الرجل بعد الرجل يأتي أبا مسلم فيقول: غلامي هرب إليك، فلما رأى كثرة من يأتيه منهم وشكواهم من مواليهم أمر فنودي أن الأمير يأمركم أن ترجعوا إلى مواليكم، فأتاه قائدهم أبو سعيد، وقالوا أبو شراحيل، فقال:
إن المنادي نادى بأن ترجع العبيد إلى مواليهم، وكيف يرجعون إليهم وقد خالفوهم وأسخطوهم في حب آل محمد، قال الله عز وجل: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (3)، فرجعوا إلى خندقهم، ولما كثر عليه في أمرهم وجههم إلى موسى بن كعب (4)، فكانوا أول جند أمد به أهل أبيورد ونسا.
فما زال عسكره يزداد بكل وجه ويقوى وتجيئه الناس وقد كف [137 أ] عن القتال وفتح الله عليه كثيرا من البلاد بالصبر والدعاء والمداراة خمسة أشهر، لم يقاتل فيها. فلما أهل بهلال المحرم من سنة ثلاثين ومئة وهو في نحو من عشر آلاف رجل، كان (5) ما ظهر من أمر الدعوة أثقل على نصر بن سيار من حرب علي وشيبان. فبلغنا أنه بعث إلى أبي مسلم رجلا من بني ليث ورجلا من باهلة يسألانه عن حاله ودعوته وسبب خروجه، فبعث أبو مسلم إلى سليمان بن كثير ووجوه من معه، فلما حضروه قال لهم: إن هذين