الكرماني أن يكفا عنك ولا يعينا عليك، ولعلهما سيميلان إليك أن لطفت لهما، واجمع إخواننا فإنه لا يستقيم الاقدام على منافرة القوم إلا بعد مناظرتهم في ذلك، فبعث إليهم فاجتمعوا فخبرهم بما انتهى إليه عن نصر، وما رأى من المبادرة بالظهور قبل استحكام مكيدة عليهم، فوافقه القوم على ذلك، ونشطوا له، واتعدوا لاظهار أمرهم يوم الفطر من سنة تسع وعشرين ومئة، فاستعد القوم لذلك. وإنهم كذلك إذ خرج الحسن بن يزيد العنبري رأس بني تميم إلى جوسق له بقرية خرق (1) ومعه يعقوب الأعسر في خيل بني تميم، فجلس على دكان له حتى أظلم الليل، وأمر بنار فأججت فسطع شهابها وأصحابه جلوس معه، فرأى ذلك أهل شنفير فظنوا أنها نار رفعها الحسن لموعد بينه وبين بني تميم يجتمعون لها، فأمر أبو مسلم فرفعت من الموضع الذي كان فيه بشنفير نار، فاجتمع إليهم من كان في قرى خزاعة وغيرها ممن عرف أمرهم ومن لم يعرفه، فأما من عرفه فلدعوتهم، وأما من لم يعرفه فاجتمعوا لمنع أبي مسلم [134 أ] إذ حل بينهم وفي جوارهم، والدفع عن حرمتهم. وبعث سليمان من تعرف لهم قصة النار وسبب رفعها، فانصرف رسوله فخبره أنها نار أججت ليصطلوا بها ويستضيئوا بها، وليست لشئ مما ظنوا. وأصبحوا على ذلك، فلما تيقنوا الخبر أرادوا التفرق والكف لما كانوا وقتوا وواعدوا عليه إخوانهم من الظهور في يوم الفطر، فقال لهم كامل بن المظفر: إن ما كان مستترا من أمرهم قد انكشف بما كان منكم في هذه الليلة، ولا ينتصف النهار حتى يشيع ذلك، ويبلغ نصرا وغير نصر وتسير به الركبان، فأنتم الآن من أهم الأمور إلى نصر وأعظمها بلية عليه في نفسه ولم يأل (2) عن قمعكم فإن تفرقتم انتهز ذلك منكم
(٢٧٦)