أتياني برسالة نصر، فكرهت أن أسمع منهما أو أجيبهما بشئ حتى تحضروا ذلك. وقد حضرهم وقت الصلاة، فأذن المؤذن، فقام أسلم (1) بن أبي سلام فقال له أبو مسلم: أين؟ قال: أتوضأ وأعود، فقال لرسولي (2) نصر: ونحن نريد ذلك، فإن شئتما فأقيما حتى نفرغ من أمر صلاتنا، وإن كانت بكما حاجة إلى الوضوء فامضيا مع أسلم حتى تقضيا حاجتكما ثم تنصرفا (3) معه، ونتفرغ فيما جئتما له. فنهضا مع أسلم إلى منزله، فقال أحدهما: والله ما كنا نحسبكم تصلون، فقال أسلم: ومن يقيم الصلاة لحقها غيرنا؟
ألستما تعرفانني قبل اليوم؟ قالا: بلى. قال: أفتريانني كنت خارجا من الايمان داخلا في الكفر؟ لا تغترا بأقاويل من يشنع علينا فوالله إن أصبح الحق في شئ من المواطن يدار به إلا في موضعنا هذا الذي نحن فيه [137 ب] فلا تغبنا حظكما منه. فتوضأ ودعا لهما بوضوء فتوضيا وصليا، ثم دعوا بهما إلى أبي مسلم فدخلا عليه وهو يصلي، فكبرا وجلسا، ونظر أحدهما إلى سنور يتردد في البيت فكبر. فلما فرغ أبو مسلم من صلاته قال لهما:
لم كبرتما؟ قال أحدهما: كان يقال لنا إنكم لا تصلون وإنكم تعبدون السنانير، فلما رأيناك تصلي ورأينا السنور [مهينا لديكم] (4) علمنا أن ما قيل فيكم باطل. فلما تتام إلى أبي مسلم وجوه أصحابه قال لرسولي نصر:
قولا ما أحببتما. قالا: ونحن آمنان؟ قال: نعم. فقالا له: من أنت؟ فهو أول ما أمرنا به أن نسألك عنه. فقال: أنا عبد الرحمن بن مسلم. فقالا له:
فما دعوتك؟ فقال: إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإلى