لأنهم كفوا أيديهم فلم يشهروا سيفا، حتى كتب إبراهيم بن محمد إلى أبي مسلم يأمره بإظهار الدعوة ومجاهرة عدوه، فكل من أجاب الدعوة قبل ظهور أبي مسلم فهو كفي، ومن دخل في الدعوة بعد ظهور أبي مسلم فليس من الكفية.
ولما أجمع محمد بن علي على توجيه أبي عكرمة إلى خراسان قال له سالم:
ليس لنا أن نستبد بأمر دونك ولا نسبقك ونحن نأتم بك، وقد أحببت أن أستأذنك في شئ قد كنا رأيناه فخالفنا فيه بكير إذ نحن بالكوفة. قال:
فهاته وما أحب أن تخالفوا بكيرا فإنه يحب (1) آل محمد، وهو ذو رأي.
قال: كنا نظرنا في أمرنا هذا فرأيناك قد حللت بين أهل الشام، ورأينا لأهل الشام دولة وجماعة ونجدة فيهم ظاهرة، فرأينا (2) أن نبث دعوتك فيهم وندعو منهم من طمعنا في إجابته فكره ذلك بكير وخالفنا [96 ب] فيه. قال محمد: أصاب بكير وأخطأتم، أبى الله أن يأتي بالشمس من المغرب، وأحب أن يأتي بها من المشرق، وان أهل الشام أعوان الظالمين، وآفة هذا الدين، وشيعة الملاعين، وقد ابتعثوا بنصرة بني أمية، وأغري أكثر أهل العراق بمشايعة بني أبي طالب، وقد خصنا الله بأهل خراسان، فهم أنصارنا وأعواننا وذخائرنا، وقد حلت عليهم من الله رحمة قد غشيتهم، ويوشك أن تتبعهم (3) ريح الحياة فتعز ذليلهم، وتقوي ضعيفهم، وتقتل من قاتلهم حتى يعز دين الله ويظهر الحق وأهله، يقول الله عز وجل: * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) * (4) فكأنكم بالأودية قد سالت برجال خراسان أشد في