عنده في منزل أم سلمة، وهو متوسد وسادة أدم محشوة ليفا فألقاها إلى العباس وقال له: اجلس عليها، قال، وأقبل عليه يناجيه دوني بشئ لم أسمعه، ثم نهض، فخرج، فلما توارى، قال: يا علي! هون على نفسك، فليس لك في الامر نصيب بعدي إلا نصيب خسيس، وإن هذا الامر في هذا وفي ولده، يأتيهم الامر عفوا عن غير جهد طلب، حتى تدركوا بثأركم وتنتقموا ممن أساء إليكم (1).
وأخبرني أن عليا عليه السلام رأى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن في المسجد مائدة عظيمة وعليها رؤوس [86 أ] غنم، فأقبل أبو بكر فجلس عليها فتناول شيئا يسيرا ثم نهض، ثم جاء عمر فجلس فأكل منها طويلا ثم نهض، ثم جاء عثمان فجلس عليها، فأكل منها طويلا ثم نهض، ثم جاءت بنو أمية فأكلوا منها طويلا كثيرا، ثم جاء عبد الله بن عباس وولده وولد ولده فأقاموهم، وجلسوا فأكلوا جميع ما كان على المائدة ولم آكل معهم، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد لله الذي فتح الاسلام بنا ويختمه بنا، هؤلاء القوم يلون ثم يختم الاسلام بولد عبد الله بن عباس. قال: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض..) * إلى آخر الآية (2)، وإليك هذا الامر، وفي ولدك يصير، وقد استودعتك من الامر ما استودعت فاتق الله، وانظر فيما أنت فيه ليوم مرجعك، وأوص من بعدك (3)