فقد أتاك الصمد (1) بفارس بهمة وسداد ثغر وفراج (2) غم واخ نصور (3)، ووالله الذي لا إله إلا هو لولا أعلم أنه أعز لك ولشيعتك أن أبعث إليك الخيل والرجال. وأقيم بهذه البلدة لسرت بنفسي حتى أقتل ابن الكاهلية، أو آتيك به سلما، فاكتب إلينا برأيك وأمرك في كل حال، ما بدا لك، فإنما نحن شيعتك وأنصارك والسلام عليك ورحمة الله. قال: فخرج الناس بعضهم في آثار بعض، وقدم بهذه الرسالة الطفيل بن عامر ومحمد بن بشير وأصحابه، ثم جاءهم أبو عبد الله الجدلي، فأقبل حتى نزل بذات عرق (4) في سبعين راكبا فصلى بهم الظهر والعصر حتى توافي الناس واستتم معه مائة وخمسون [46 أ] رجلا، فلما اجتمعوا صلى بهم أبو عبد الله، ثم دخل مكة ومع أصحابه الخشب وكان المختار أمرهم بذلك، فدخلوا الأبطح فسموا الخشبية من أجل ذلك. فدخل المسجد الحرام ومحمد بن علي وعبد الله بن عباس وأهل بيته بزمزم وأولئك النفر الذين معه قد أعد لهم عبد الله ابن الزبير الحطب ليحرقهم فيما يزعم بالنار، وقد قال بعض الناس إن ابن الزبير أظهر ذلك لهم، أراد أن يرعبهم لكيما يبايعوه. وكان ابن الزبير قد أعطى الله عهدا لئن مضت بهم الجمعة ولم يبايعوه أن ينفذ فيهم رأيه.
فدخل أبو عبد الله وأصحابه مكة ولم يمض من الاجل غير يومئذ، فعقلوا رواحلهم بباب المسجد ثم شدوا على الحرس الذين وكلوا بهم فطردوهم، ثم وثبوا على أعواد زمزم فكسروها، ثم دخلوا على ابن الحنفية يفدونه بآبائهم