دماءهم ويجلوا، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة. واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد. فغيبوا مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب، وكان احتمله معه إلى خيبر حين (ص 23) أجليت بنو النضير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعية بن عمرو: ما فعل مسك حيى الذي جاء به من قبل بنى النضير؟ قال:
أذهبته الحروب والنفقات. قال: العهد قريب والمال كثير. وقد كان حيى قتل قبل ذلك. فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية إلى الزبير فمسه بعذاب. فقال: رأيت حييا يطوف في خربة هاهنا. فذهبوا إلى الخربة ففتشوها فوجدوا المسك. فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبى الحقيق، وأحدهما زوج صفية بنت حيى بن أخطب، وسبى نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا. فأراد أن يجليهم عنها فقالوا: دعنا نكن في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها. ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه غلمان يقومون بها، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها بأنفسهم، فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشئ ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر. فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله! أتطعمونني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلى وإنكم لأبغض إلى من عدتكم من القرود والخنازير، ولن يحملني بغضي لكم وحبى إياه على أن لا أعدل عليكم.
فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
قال: ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعين صفية بنت حيى خضرة.
فقال: يا صفية! ما هذه الخضرة؟ فقالت: كان رأسي في حجر ابن أبي الحقيق وأنا نائمة، فرأيت كأن قمرا وقع في حجري. فأخبرته بذلك فلطمني وقال: أتتمنين