علا حصنها. فقال صاحبها لأبي: إنه قد بلغنا فعلكم بالشام، ووضعكم الجزية على النصارى واليهود، وإقراركم الأرض في أيدي أهلها يعمرونها ويؤدون خراجها. فإن فعلتم بنا مثل ذلك كان أرد عليكم من قتلنا وسبينا وإجلائنا.
قال. فاستشار أبى المسلمين، فأشاروا عليه بأن يفعل ذلك، إلا نفرا منهم سألوا أن يقسم الأرض بينهم، فوضع على كل حالم دينارين جزية، إلا أن يكون فقيرا. وألزم كل ذي أرض مع (ص 214) الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطي زيت وقسطي عسل وقسطي خل رزقا للمسلمين تجمع في دار الرزق وتقسم فيهم. وأحصى المسلمون فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف وبرنسا أو عمامة وسراويل وخفين في كل عام، أو عدل الجبة الصوف ثوبا قبطيا، وكتب عليهم بذلك كتابا، وشرط لهم إذا وفوا بذلك أن لا تباع نساؤهم وأبناؤهم ولا يسبوا، وأن تقر أموالهم وكنوزهم في أيديهم. فكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر فأجازه، وصارت الأرض أرض خراج، إلا أنه لما وقع هذا الشرط والكتاب ظن بعض الناس أنها فتحت صلحا.
قال: ولما فرغ ملك اليونة من أمر نفسه ومن معه في مدينته صالح عن جميع أهل مصر على مثل صلح اليونة. فرضوا به وقالوا: هؤلاء الممتنعون قد رضوا وقنعوا بهذا، فنحن به أقنع، لأننا فرش لا منعة لنا. ووضع الخراج على أرض مصر، فجعل على كل جريب دينارا وثلاثة أرادب طعاما، وعلى رأس كل حالم دينارين، وكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
535 - وحدثني عمرو الناقد عن عبد الله بن وهب المصري عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالح عمرو بن العاصي على أن يسير من الروم من أراد ويقر من أراد الإقامة من الروم على أمر سماه، وأن يفرض