فأهمل بطارقته وأحراره، ولان لهم حتى ازدادوا فسادا على السلطان وكلبا على من يليهم من الرعية. وغلب إسحاق بن إسماعيل بن شعيب مولى بنى أمية على جرزان، ووثب سهل بن سنباط البطريق على عامل حيدر بن كاوس الأفشين على أرمينية فقتل كاتبه وأفلت بحشاشة نفسه. ثم ولى أرمينية عمال كانوا يقبلون من أهلها العفو ويرضون من خراجها بالميسور.
ثم إن أمير المؤمنين المتوكل على الله ولى يوسف بن محمد بن يوسف المروزي أرمينية لسنتين من خلافته. فلما صار بخلاط أخذ بطريقها بقراط بن أشوط فحمله إلى سر من رأى، فأوحش البطارقة والأحرار والمنغلبة ذلك منه. ثم إنه عمد عامل له يقال له العلاء بن أحمد إلى دير بالسيسجان يعرف بدير الاقداح لم تزل نصارى أرمينية تعظمه وتهدى إليه فأخذ منه جميع ما كان فيه وعسف أهله، فأكبرت البطارقة ذلك وأعظمته وتكاتبت فيه وحض بعضا على بعض على الخلاف والنقض، ودسوا إلى الخويثية وهم علوج يعرفون بالأرطان، في الوثوب بيوسف، وحرضوهم عليه لما كان من حمله بقراط بطريقهم، ووجه كل امرء منهم ومن المتغلبة خيلا ورجالا ليؤيدوهم على ذلك، فوثبوا به؟ طرون، وقد فرق أصحابه في القرى فقتلوه واحتووا على ما كان في عسكره، فولى أمير المؤمنين المتوكل على الله بغا الكبير أرمينية فلما صار إلى بدليس أخذ (ص 211) موسى بن زرارة، وكان ممن هوى قتل يوسف وأعان عليه غضبا لبقراط، وحارب الخويثية فقتل منهم مقتلة عظيمة، وسبى سببا كثيرا، ثم حاصر أشوط ابن حمزه (؟) بن جاجق بطريق البسفرجان وهو بالباق، فاستنزله من قلعته وحمله إلى سر من رأى وسار إلى جرزان، فظفر بإسحاق بن إسماعيل فقتله صبرا، وفتح جرزان وحمل من بأران وظاهر أرمينية ممن بالسيسجان من أهل الخلاف والمعصية من النصارى وغيرهم، حتى صلح ذلك الثغر صلاحا لم يكن على مثله، ثم قدم سر من رأى في سنة إحدى وأربعين ومائتين.