ينزلوا بحيث أحبوا من الشام، ويجرى على كل امرئ منهم ثمانية دنانير، وعلى عيالاتهم القوت من القمح والزيت، وهو مديان من قمح وقسطان من زيت، وعلى أن لا يكرهوا ولا أحد من أولادهم ونسائهم على ترك النصرانية، وعلى أن يلبسوا لباس المسلمين، ولا يؤخذ منهم ولا من أولادهم ونسائهم جزية، وعلى أن يغزوا مع المسلمين فينفلوا أسلاب من يقتلونه مبارزة، وعلى أن يؤخذ من تجاراتهم وأموال موسريهم ما يؤخذ من أموال المسلمين. فأخرب مدينتهم وأنزلهم فأسكنهم جبل الحوار وسنح اللولون (كذا) وعمق تيزين. وصار بعضهم إلى حمص ونزل بطريق الجرجومة في جماعة معه أنطاكية، ثم هرب إلى بلاد الروم.
وقد كان بعض العمال ألزم الجراجمة بأنطاكية جزية رؤوسهم، فرفعوا ذلك إلى الواثق بالله رحمه الله وهو خليفة فأمر بإسقاطها عنهم.
426 - وحدثني بعض من أثق به من الكتاب أن المتوكل على الله رحمه الله أمر بأخذ الجزية من هؤلاء الجراجمة، وأن تجرى عليهم الأرزاق، إذ كانوا ممن يستعان به في المسالح وغير ذلك.
وزعم أبو الخطاب الأزدي أن أهل الجرجومة كانوا يغيرون في أيام عبد الملك على (ص 161) قرى أنطاكية والعمق، وإذا غزت الصوائف قطعوا على المتخلف واللاحق ومن قدروا عليه ممن في أواخر العسكر، وغالوا في المسلمين. فأمر عبد الملك ففرض لقوم من أهل أنطاكية وأنباطها، وجعلوا مسالح، وأردفت بها عساكر الصوائف ليؤدبوا الجراجمة عن أواخرها، فسموا الرواديف. وأجرى على كل امرئ منهم ثمانية دنانير. والخبر الأول أثبت.