وقال أبو الخطاب الأزدي: كان أول من ابتنى حصن المصيصة في الاسلام عبد الملك بن مروان على يد ابنه عبد الله بن عبد الملك في سنة أربع وثمانين على أساسها القديم. فتم بناؤها وشحنها في سنة خمس وثمانين. وكانت في الحصن كنيسة جعلت هريا. وكانت الطوالع من أنطاكية تطلع عليها في كل عام فتشتو بها ثم تنصرف، وعدة من كان يطلع إليها ألف وخمس مئة إلى الألفين.
وقال: وشخص عمر بن عبد العزيز حتى نزل هرى المصيصة وأراد هدمها وهدم الحصون بينها وبين أنطاكية، وقال: أكره أن يحاصر الروم أهلها.
فأعلمه الناس أنها إنما عمرت ليدفع من بها من الروم عن أنطاكية، وأنه إن أخرجها لم يكن للعدو ناهية دون أنطاكية. فأمسك وبنى لأهلها مسجدا جامعا من ناحية گفربيا، واتخذ فيه صهريجا، وكان اسمه عليه مكتوبا. ثم إن المسجد خرب في خلافة المعتصم بالله وهو يدعى مسجد الحصن.
قال: ثم بنى هشام بن عبد الملك الربض، ثم بنى مروان بن محمد الخصوص في شرقي جيحان، وبنى عليها حائطا وأقام عليه باب خشب، وخندق خندقا.
فلما استخلف أبو العباس فرض بالمصيصة لأربع مئة رجل زيادة في شحنتها وأقطعهم. ثم لما استخلف (ص 165) المنصور فرض بالمصيصة لأربع مئة رجل. ثم لما دخلت سنة تسع وثلاثين ومئة، أمر بعمران مدينة المصيصة، وكان حائطها متشعثا من الزلازل، وأهلها قليل في داخل المدينة. فبنى سور المدينة وأسكنها أهلها سنة أربعين ومئة وسماها المعمورة، وبنى فيها مسجدا جامعا في موضع هيكل كان بها، وجعله مثل مسجد عمر مرات. ثم زاد فيه المأمون أيام ولاية عبد الله بن طاهر بن الحسين المغرب. وفرض المنصور فيها لألف رجل، ثم نقل أهل الخصوص، وهم فرس وصقالبة وأنباط نصارى. وكان مروان أسكنهم إياها وأعطاهم خططا في المدينة عوضا عن منازلهم على ذرعها، ونقض