العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٣
الكلاب وحدى ما أخرت جيشا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذه.
ثم رأينا عثمان، وهو عندكم أضعف من أبى بكر وأجبن، قد كان محاصرا معطشا مخذولا قد قهره عدوه، والسيوف تلمع على بابه، وقد أفضوا إلى داره، وتسلقوا عليه من خوختة (1)، وهم يريدون نفسه أو خلع الخلافة من عنقه، فصبر حتى قتل كريما محتسبا وهو يقول:
" لا أنزع قميصا قمصنيه الله! " وهو يرى الجد وليس معه أمان من قبله.
وقد يزعمون أن عليا قد كان يعلم أنه لا يقتل ولا يموت حتى يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومع ذا يزعمون أن الله (2) قد كان أسر إليه علم كل ما يحدث في هذه الأمة من الفتن والهيج. وهذا لا يشبه اتخاذه أبا موسى حكما عليه وله، مع غباء (3) أبى موسى وعداوته كانت له، ولا سيما إذا قرنه بعمرو بن العاص. وما ظنك برأي عمرو وقد كان فيه معونه (4).
ففي جميع ما قلنا دليل على أن القوم إما أن يكونوا (5) مالكين لأهوائهم.
فإن قالوا: ما الدليل على إسلام أبى بكر فضلا على تقديمه وتفضيله ومباينته؟ ومن أين لكم أن تزعموا أنه قد كان مسلما وأنتم وخصومكم مجمعون على أنه قد كان كافرا، ثم ادعيتم أنه قد أسلم بعد كفره وأنكر ذلك خصومكم، فليس لكم أن ترجعوا عما اجتمعتم عليه إلا بإجماع منكم

(1) الخوخة: كوة في البيت تؤدى إليه الضوء.
(2) في الأصل: " الذي ".
(3) في الأصل: " عبا " بالاهمال.
(4) كذا في الأصل.
(5) كذا في الأصل. والوجه " لم يكونوا ".
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»