العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٢
وإن قلنا: إنه زوج عمر غير مكره (1) ولا شئ أدل على الخاصة والصفاء من المشاركة والمصاهرة.
قالوا: قد كان هناك توعد وتخوف، وقد قال بعضهم: إن هذا باطل وإن عليا لم يزوج عمر قط. ونبئت عن بعضهم أنه قال: قد كان ذلك على التقية، ولكن الله صانها فأخفاها ورفعها.
فقيل له: فخبرنا عن التي رأوها في منزل عمر وعلى فراشه، وولدت منه زيدا، ما هي؟ وأي شئ كانت؟
قال: شيطانه في صورة امرأة.
وإن قلت لهم: كيف زعمتم أنه كان أشد أهل الأرض قلبا، وأنتم تزعمون أنه كان يتقى كل شئ، حتى ليسلم حرمته إلى كافر من غير أن يشهر عليه سيف أو يضرب بسوط. وقد رأينا من هو في دون حاله في النجدة والشجاعة. والحمية والبصيرة، يمتنع حتى يقتل في دون هذا. وقد تعلمون أنه لم يكلم وله يخدش، فضلا على أن يجرح ويقتل، في جميع المقامات التي زعمتم أنه إنما استجاز واستحل من التقية.
وأعجب من جميع هذا أنا رأيناكم تزعمون أن أبا بكر وعثمان كانا من أجبن البرية وأبعده من حمية، وقد رأينا صنيع أبى بكر في الردة كيف نهض بالقليل في محاربة الكثير، وكيف أشاروا عليه بأن يستعين بجيش أسامة حتى إذا رد الردة أعاد الجيش إلى حاله. وكيف قال لهم حين قالوا له: إنا قد أمنا غزو الروم إيانا في يومنا هذا، ولسنا نأمن مع ارتداد جميع العرب أن نغزى في عقر دارنا! قال: لو بقيت حتى يأكلني

(1) انظر ما مضى في ص 236 - 237.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»